الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين ***
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} {سَبِّحِ اسم رَبِّكَ} أي نزِّه ربك عما لا يليق به و«اسم» زائد {الأعلى} صفة لربك.
{الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2)} {الذى خَلَقَ فسوى} مخلوقه، جعله متناسب الأجزاء غير متفاوت.
{وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3)} {والذى قَدَّرَ} ما شاء {فهدى} إلى ما قدّره من خير وشر.
{وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4)} {والذى أَخْرَجَ المرعى} أنبت العشب.
{فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5)} {فَجَعَلَهُ} بعد الخضرة {غُثَآءً} جافاً هشيماً {أحوى} أسود يابساً.
{سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)} {سَنُقْرِئُكَ} القرآن {فَلاَ تنسى} ما تقرؤه.
{إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7)} {إِلاَّ مَا شَآءَ الله} أي تنساه بنسخ تلاوته وحكمه. وكان صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة مع قراءة جبريل خوف النسيان فكأنه قيل له: لا تعجل بها إنك لا تنسى فلا تتعب نفسك بالجهر بها {إِنَّهُ} تعالى {يَعْلَمُ الجهر} من القول والفعل {وَمَا يخفى} منهما.
{وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8)} {وَنُيَسِّرُكَ لليسرى} للشريعة السهلة وهي الإسلام.
{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9)} {فَذَكّرْ} عظ بالقرآن {إِن نَّفَعَتِ الذكرى} من تذكره المذكور في.
{سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10)} {سَيَذَّكَّرُ} بها {مَن يخشى} يخاف الله تعالى كآية {فَذَكِّرْ بالقرءان مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [45: 50].
{وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11)} {وَيَتَجَنَّبُهَا} أي الذكرى أي يتركها جانباً لا يلتفت إليها {الأشقى} بمعنى الشقي أي الكافر.
{الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12)} {الذى يَصْلَى النار الكبرى} هي نار الآخرة، والصغرى نار الدنيا.
{ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13)} {ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا} فيستريح {وَلاَ يَحْيَى} حياة هنيئة.
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)} {قَدْ أَفْلَحَ} فاز {مَن تزكى} تطهر بالإِيمان.
{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)} {وَذَكَرَ اسم رَبِّهِ} مكبراً {فصلى} الصلوات الخمس وذلك من أمور الآخرة، وكفار مكة معرضون عنها.
{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16)} {بَلْ تُؤْثِرُونَ} بالفوقانية والتحتانية {الحياة الدنيا} على الآخرة.
{وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)} {والأخرة} المشتملة على الجنة {خَيْرٌ وأبقى}.
{إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18)} {إِنَّ هذا} أي إفلاحُ من تزكى وكون الآخرة خيراً {لَفِى الصحف الأولى} أي المنزلة قبل القرآن.
{صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)} {صُحُفِ إبراهيم وموسى} وهي عشرة صحف لإِبراهيم، والتوراة لموسى.
{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} {هَلْ} قد {أتاك حَدِيثُ الغاشية} القيامة لأنها تغشى الخلائق بأهوالها.
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2)} {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ} عبر بها عن الذوات في الموضعين {خاشعة} ذليلة.
{عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3)} {عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ} ذات نصب وتعب بالسلاسل والأغلال.
{تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4)} {تصلى} بفتح التاء وضمها {نَاراً حَامِيَةً}.
{تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ (5)} {تسقى مِنْ عَيْنٍ ءَانِيَةٍ} شديدة الحرارة.
{لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)} {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ} هو نوع من الشوك لا ترعاه دابة لخبثه.
{لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7)} {لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِن جُوعٍ}.
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8)} {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} حسنة.
{لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9)} {لِّسَعْيِهَا} في الدنيا بالطاعة {رَّاضِيَةٌ} في الآخرة لما رأت ثوابه.
{فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10)} {فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} حساً ومعنى.
{لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11)} {لاَ تَسْمَعُ} بالتاء والياء {فِيهَا لاغية} أي نفس ذات لغو: أي هذيان من الكلام.
{فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12)} {فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ} بالماء بمعنى عيون.
{فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13)} {فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ} ذاتاً وقدراً ومحلاً.
{وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14)} {وَأَكْوابٌ} أقداح لا عُرَى لها {مَّوْضُوعَةٌ} على حافة العيون معدّة لشربهم.
{وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15)} {وَنَمَارِقُ} وسائد {مَصْفُوفَةٌ} بعضها بجنب بعض يستند إليها.
{وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)} {وَزَرَابِيُّ} بسط طنافس لها خمل {مَبْثُوثَةٌ} مبسوطة.
{أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)} {أَفَلاَ يَنظُرُونَ} أي كفار مكة نظر اعتبار {إِلَى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ}.
{وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18)} {وَإِلَى السمآء كَيْفَ رُفِعَتْ}.
{وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19)} {وَإِلَى الجبال كَيْفَ نُصِبَتْ}.
{وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)} {وَإِلَى الأرض كَيْفَ سُطِحَتْ} أي بسطت، فيستدلون بها على قدرة الله تعالى ووحدانيته، وصدرت بالإِبل لأنهم أشدّ ملابسة لها من غيرها. وقوله «سطحت» ظاهر في أن الأرض سطح، وعليه علماء الشرع، لا كرة كما قاله أهل الهيئة وإن لم ينقض ركناً من أركان الشرع.
{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21)} {فَذَكِّرْ} هم نعم الله ودلائل توحيده {إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ}.
{لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22)} {لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} وفي قراءة (بمسيطر) بالسين بدل الصاد، أي بمسلط وهذا قبل الأمر بالجهاد [4: 47].
{إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23)} {إِلاَّ} لكن {مَّن تولى} أعرض عن الإِيمان {وَكَفَرَ} بالقرآن.
{فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24)} {فَيْعَذِّبُهُ الله العذاب الأكبر} عذاب الآخرة، والأصغر عذاب الدنيا بالقتل والأسر.
{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25)} {إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ} رجوعهم بعد الموت.
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)} {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} جزاءهم لا نتركه أبداً.
{وَالْفَجْرِ (1)} {والفجر} أي فجر كل يوم.
{وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)} {وَلَيالٍ عَشْرٍ} أي عشر ذي الحجة.
{وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)} {والشفع} الزوج {والوتر} بفتح الواو وكسْرها لغتان: الفرد.
{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)} {واليل إِذَا يَسْرِ} مقبلاً ومدبراً.
{هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5)} {هَلْ فِى ذلك} القسم {قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ} عقل؟ وجواب القسم محذوف أي: لتعذبن يا كفار مكة.
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6)} {أَلَمْ تَرَ} تعلم يا محمد {كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ}؟.
{إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7)} {إِرَمَ} هي عاد الأولى، فإرم عطف بيان أو بدل، ومنع الصرف للعلمية والتأنيث {ذَاتِ العماد} أي الطول. كان طول الطويل منهم أربعمائة ذراع.
{الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)} {التى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى البلاد} في بطشهم وقوّتهم.
{وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9)} {وَثَمُودَ الذين جَابُواْ} قطعوا {الصخر} جمع صخرة واتخذوها بيوتاً {بالواد} وادي القرى.
{وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10)} {وَفِرْعَوْنَ ذِى الأوتاد} كان يتد أربعة أوتاد يشدّ إليها يدي ورجلي من يعذبه.
{الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11)} {الذين طَغَوْاْ} تجبروا {فِى البلاد}.
{فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)} {فَأَكْثَرُواْ فِيهَا الفساد} القتل وغيره.
{فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13)} {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ} نوع {عَذَابٍ}.
{إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)} {إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد} يرصد أعمال العباد فلا يفوته منها شيء ليجازيهم عليها.
{فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)} {فَأَمَّا الإنسان} الكافر {إِذَا مَا ابتلاه} اختبره {رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ} بالمال وغيره {وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّى أَكْرَمَنِ}.
{وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)} {وَأَمَّآ إِذَا مَا ابتلاه} ربه {فَقَدَرَ} ضيق {عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّى أهانن}.
{كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17)} {كَلاَّ} ردع، أي ليس الإِكرام بالغنى، والإِهانة بالفقر، وإنما هو بالطاعة والمعصية، وكفار مكة لا ينتبهون لذلك {بَل لاَّ تُكْرِمُونَ اليتيم} لا يحسنون إليه مع غناهم أو لا يعطونه حقه من الميراث.
{وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18)} {وَلاَ يَحضُّونَ} أنفسهم ولا غيرهم {يَحُضُّ على طَعَامِ} أي إطعام {المسكين}.
{وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19)} {وَيَأْكُلُونَ التراث} الميراث {أَكْلاً لَّمّاً} أي شديداً، لِلَمِّهم نصيب النساء والصبيان من الميراث مع نصيبهم منه أو مع مالهم.
{وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)} {وَيُحِبُّونَ المال حُبّاً جَمّاً} أي: كثيراً فلا ينفقونه، وفي قراءة بالفوقانية في الأفعال الأربعة.
{كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21)} {كَلاَّ} ردع لهم عن ذلك {إِذَا دُكَّتِ الأرض دَكّاً دَكّاً} زلزلت حتى ينهدم كل بناء عليها وينعدم.
{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} {وَجَآءَ رَبُّكَ} أي أمره {والملك} أي الملائكة {صَفّاً صَفّاً} حال، أي مصطفين أو ذوي صفوف كثيرة.
{وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)} {وَجِاْئَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} تقاد بسبعين ألف زمام، كل زمام بأيدي سبعين ألف ملك لها زفير وتغيظ {يَوْمَئِذٍ} بدل من إذا وجوابها {يَتَذَكَّرُ الإنسان} أي الكافر ما فرط فيه {وأنى لَهُ الذكرى}؟ استفهام بمعنى النفي، أي لا ينفعه تذكره ذلك.
{يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)} {يِقُولُ} مع تذكره {يَا} للتنبيه {لَيْتَنِى قَدَّمْتُ} الخير والإِيمان {لِحَيَاتِى} الطيبة في الآخرة أو وقت حياتي في الدنيا.
{فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25)} {فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ} بكسر الذال {عَذَابَهُ} أي الله {أَحَدٌ} أي لا يكله إلى غيره.
{وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26)} {وَ} كذا {لا يُوثِقُ} بكسر الثاء {وَثَاقَهُ أَحَدٌ} وفي قراءة بفتح الذال والثاء فضمير عذابه ووثاقه للكافر، والمعنى: لا يعذب أحد مثل تعذيبه ولا يوثق مثل إيثاقه.
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)} {ياأيتها النفس المطمئنة} الآمنة وهي المؤمنة.
{ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28)} {ارجعى إلى رَبِّكِ} يقال لها ذلك عند الموت، أي: ارجعي إلى أمره وإرادته {رَّاضِيَةً} بالثواب {مَّرْضِيَّةً} عند الله بعملك، أي جامعة بين الوصفين وهما حالان ويقال لها في القيامة:
{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29)} {فادخلى فِى} جملة {عِبَادِى} الصالحين.
{وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)} {وادخلى جَنَّتِى} معهم.
{لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)} {لا} زائدة {أُقْسِمُ بهذا البلد} مكة.
{وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2)} {وَأَنتَ} يا محمد {حِلٌّ} حلال {بهذا البلد} بأن يحل لك فتقاتل فيه، وقد أنجز الله له هذا الوعد يوم الفتح. فالجملة اعتراض بين المقسم به وما عطف عليه.
{وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3)} {وَوَالِدٍ} أي آدم {وَمَا وَلَدَ} أي ذرّيته و«ما» بمعنى مَن.
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)} {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان} أي الجنس {فِى كَبَدٍ} نصب وشدّة يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة.
{أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5)} {أَيَحْسَبُ} أيظن الإِنسان، قَوِيُّ قريش، وهو أبو الأشدّين [أو: الأشُدَّ، اُسيد بن كلدة الجُمحي، وأمثاله] بقوّته {أن} مخففة من الثقيلة واسمها محذوف، أي أنه {لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} والله قادر عليه.
{يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6)} {يَقُولُ أَهْلَكْتُ} على عداوة محمد {مَالاً لُّبَداً} كثيراً بعضه على بعض.
{أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7)} {أَيَحْسَبُ أَن} أي أنه {لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} فيما أنفقه فيعلم قدره؟ والله عالم بقدره وأنه ليس مما يتكثر به ومجازيه على فعله السَّيِّئ.
{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8)} {أَلَمْ نَجْعَل} استفهام تقرير، أي جعلنا {لَّهُ عَيْنَيْنِ}؟.
{وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9)} {وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ}؟.
{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)} {وهديناه النجدين}؟ بيَّنا له طريق الخير والشر.
{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)} {فَلا} فهلا {اقتحم العقبة} جاوزها؟.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12)} {وَمَا أدراك} أعلمك {مَا العقبة} التي يقتحمها تعظيماً لشأنها، والجملة اعتراض. وبيّن سبب جوازها بقوله:
{فَكُّ رَقَبَةٍ (13)} {فَكُّ رَقَبَةٍ} من الرق بأن يعتقها.
{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14)} {أَوْ إطعام فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ} مجاعة.
{يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15)} {يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ} قرابة.
{أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16)} {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} أي لصوق بالتراب لفقره، وفي قراءة بدل الفعلين مصدران مرفوعان مضاف الأوّل لرقبة، ومنوَّن الثاني، فيقدر قبل العقبة اقتحام. والقراءة المذكورة بيانه.
{ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)} {ثُمَّ كَانَ} عطف على اقتحم وثم للترتيب الذكري، المعنى كان وقت الاقتحام {مِنَ الذين ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ} أوصى بعضهم بعضاً {بالصبر} على الطاعة وعن المعصية {وَتَوَاصَوْاْ بالمرحمة} الرحمة على الخلق.
{أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)} {أولئك} الموصوفون بهذه الصفات {أصحاب الميمنة} اليمين.
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19)} {والذين كَفَرُواْ بئاياتنا هُمْ أصحاب المشئمة} الشمال.
{عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)} {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةُ} بالهمزة والواو بدله، مطبقة.
{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} {والشمس وضحاها} ضوئها.
{وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2)} {والقمر إِذَا تلاها} تبعها طالعاً عند غروبها.
{وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3)} {والنهار إِذَا جلاها} بارتفاعه.
{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)} {واليل إِذَا يغشاها} يغطيها بظلمته، و(إذا) في الثلاثة لمجرد الظرفية والعامل فيها فعل القسم.
{وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5)} {والسمآء وَمَا بناها}.
{وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6)} {والأرض وَمَا طحاها} بسطها.
{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)} {وَنَفْسٍ} بمعنى نفوس {وَمَا سواها} في الخلقة و«ما» في الثلاثة مصدرية أو بمعنى من.
{فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)} {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وتقواها} بيِّن لها طريقي الخير والشر، وأخر التقوى رعاية لرؤوس الآي، وجواب القسم:
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)} {قَدْ أَفْلَحَ} حذفت منه اللام لطول الكلام {مَن زكاها} طهرها من الذنوب.
{وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} {وَقَدْ خَابَ} خسر {مَن دساها} أخفاها بالمعصية. وأصله دسسها أبدلت السين الثانية ألفاً تخفيفاً.
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11)} {كَذَّبَتْ ثَمُودُ} رسولها صالحاً {بطغواها} بسبب طغيانها.
{إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12)} {إِذِ انبعث} أسرع {أشقاها} واسمه (قدار) إلى عقر الناقة برضاهم.
{فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13)} {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله} صالح {نَاقَةَ الله} أي ذروها {وسقياها} شربها في يومها وكان لها يوم ولهم يوم.
{فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14)} {فَكَذَّبُوهُ} في قوله ذلك عن الله المرتب عليه نزول العذاب بهم إن خالفوه {فَعَقَرُوهَا} قتلوها ليسلم لهم ماء شربها. {فَدَمْدمَ} أطبق {عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ} العذاب {بِذَنبِهِمْ فسواها} أي الدمدمة عليهم، أي عمهم بها فلم يفلت منه أحد.
{وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)} {وَلاَ} بالواو والفاء {يَخَافُ} تعالى {عقباها} تبعتها.
{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)} {واليل إِذَا يغشى} بظلمته كل ما بين السماء والأرض.
{وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)} {والنهار إِذَا تجلى} تكشف وظهر، و(إذا) في الموضعين لمجرد الظرفية والعامل فيها فعل القسم.
{وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)} {وَمَآ} بمعنى من أو مصدرية {خَلَقَ الذكر والأنثى} آدم وحوَّاء وكل ذكر وكل أنثى، والخنثى المشكل عندنا ذكر أو أنثى عند الله تعالى، فيحنث بتكليمه من حلف لا يكلم ذكراً ولا أنثى.
{إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)} {إِنَّ سَعْيَكُمْ} عملكم {لشتى} مختلف فعامل للجنة بالطاعة وعامل للنار بالمعصية.
{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)} {فَأَمَّا مَنْ أعطى} حق الله {واتقى} الله.
{وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)} {وَصَدَّقَ بالحسنى} أي بلا إله إلا الله في الموضعين.
{فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} {فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى} للجنة.
{وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)} {وَأَمَّا مَن بَخِلَ} بحق الله {واستغنى} عن ثوابه.
{وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)} {وَكَذَّبَ بالحسنى}.
{فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} {فَسَنُيَسِّرُهُ} نهيئه {للعسرى} للنار.
{وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)} {وَمَا} نافية {يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تردى} في النار.
{إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12)} {إِنَّ عَلَيْنَا للهدى} لتبيين طريق الهدى من طريق الضلال ليمتثل أمرنا بسلوك الأول ونهينا عن ارتكاب الثاني.
{وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى (13)} {وَإِنَّ لَنَا لَلأَخِرَةَ والأولى} أي الدنيا فمن طلبهما من غيرنا فقد أخطأ.
{فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14)} {فَأَنذَرْتُكُمْ} خوفتكم يا أهل مكة {نَاراً تلظى} بحذف إحدى التاءين من الأصل وقرئ (تتلظى) بثبوتها، أي تتوقد.
{لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15)} {لاَ يصلاها} يدخلها {إِلاَّ الأشقى} بمعنى الشقي.
{الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16)} {الذى كَذَّبَ} النبي {وتولى} عن الإِيمان وهذا الحصر مؤول لقوله تعالى {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك لِمَن يَشَآءُ} [48: 4] فيكون المراد الصلي المؤبد.
{وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)} {وَسَيُجَنَّبُهَا} يبعد عنها {الأتقى} بمعنى التقي.
{الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18)} {الذى يُؤْتِى مَالَهُ يتزكى} متزكياً به عند الله تعالى بأن يخرجه لله تعالى لا رياء ولا سمعة فيكون زاكياً عند الله تعالى، وهذا نزل في الصديق رضي الله تعالى عنه لما اشترى بلالاً المعذب على إيمانه وأعتقه، فقال الكفار إنما فعل ذلك ليد كانت له عنده فنزلت.
{وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19)} {وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تجزى}.
{إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20)} {إِلاَّ} لكن فعل ذلك. {ابتغآء وَجْهِ رَبِّهِ الأعلى} أي طلب ثواب الله.
{وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)} {وَلَسَوْفَ يرضى} بما يُعطاه من الثواب في الجنة، والآية تشمل من فعل مثل فعله رضي الله تعالى عنه فيبعد عن النار ويثاب.
{وَالضُّحَى (1)} {والضحى} أي أول النهار أو كله.
{وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)} {واليل إِذَا سجى} غطى بظلامه أو سكن.
{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} {مَا وَدَّعَكَ} تركك يا محمد {رَبُّكَ وَمَا قلى} أبغضك. نزل هذا لما قال الكفار عند تأخر الوحي عنه خمسة عشر يوماً: إن ربه ودَّعه وقلاه.
{وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)} {وَلَلأَخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ} لما فيها من الكرامات لك {مِنَ الأولى} الدنيا.
{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)} {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ} في الآخرة من الخيرات عطاء جزيلاً {فترضى} فقال صلى الله عليه وسلم «إذن لا أرضى وواحد من أمتي في النار» إلى هنا تمَّ جواب القسم بمثبتين بعد منفيين.
{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6)} {أَلَمْ يَجِدْكَ} استفهام تقرير أي وجدك {يَتِيماً} بفقد أبيك قبل ولادتك أو بعدها {فئاوى} بأن ضمك إلى عمك أبي طالب.
{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7)} {وَوَجَدَكَ ضآلاًّ} عما أنت عليه الآن من الشريعة {فهدى} أي فهداك إليها.
{وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)} {وَوَجَدَكَ عَآئِلاً} فقيراً {فأغنى} أغناك بما قنعك به من الغنيمة وغيرها. وفي الحديث: «ليس الغنى كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس».
{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)} {فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ} بأخذ ماله أو غير ذلك.
{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)} {وَأَمَّا السآئل فَلاَ تَنْهَرْ} تزجره لفقره.
{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} عليك بالنبوّة وغيرها {فَحَدِّثْ} أخبر. وحذف ضميره صلى الله عليه وسلم في بعض الأفعال رعاية للفواصل.
{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)} {أَلَمْ نَشْرَحْ} استفهام تقرير أي شرحنا {لَكَ} يا محمد {صَدْرَكَ} بالنبوّة وغيرها؟.
{وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2)} {وَوَضَعْنَا} حططنا {عَنكَ وِزْرَكَ}.
{الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3)} {الذى أَنقَضَ} أثقل {ظَهْرَكَ} وهذا كقوله تعالى: {لِّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ} [2: 48].
{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)} {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} بأن تُذكر مع ذكري في الأذان والإِقامة والتشهد والخطبة وغيرها.
{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5)} {فَإِنَّ مَعَ العسر} الشدّة {يُسْراً} سهولة.
{إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)} {إِنَّ مَعَ العسر يُسْراً} والنبي صلى الله عليه وسلم قاسى من الكفار شدّة، ثم حصل له اليسر بنصره عليهم.
{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7)} {فَإِذَا فَرَغْتَ} من الصلاة {فانصب} اتعب في الدعاء.
{وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)} {وإلى رَبِّكَ فارغب} تضرع.
{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1)} {والتين والزيتون} أي المأكولين أو جبلين بالشام ينبتان المأكولين.
{وَطُورِ سِينِينَ (2)} {وَطُورِ سِينِينَ} الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى، ومعنى (سينين) المبارك أو الحسن بالأشجار المثمرة.
{وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)} {وهذا البلد الأمين} مكة لأمن الناس فيها جاهلية وإسلاماً.
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)} {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان} الجنس {فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} تعديل لصورته.
{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)} {ثُمَّ رددناه} في بعض أفراده {أَسْفَلَ سافلين} كناية عن الهرم والضعف فينقص عمل المؤمن عن زمن الشباب، ويكون له أجره بقوله تعالى:
{إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)} {إِلاَّ} أي لكن {الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} مقطوع. وفي الحديث «إذا بلغ المؤمن من الكبر ما يعجزه عن العمل كتب له ما كان يعمل»
{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)} {فَمَا يُكَذِّبُكَ} أيها الكافر {بَعْدُ} أي بعد ما ذكر من خلق الإِنسان في أحسن صورة، ثم ردّه إلى أرذل العمر الدال على القدرة على البعث {بالدين} بالجزاء المسبوق بالبعث والحساب؟ أي ما يجعلك مكذباً بذلك ولا جاعل له؟
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)} {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحاكمين}؟ أي هو أقضى القاضين وحكمه بالجزاء من ذلك. وفي الحديث «من قرأ والتين إلى آخرها فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين»
|